• ٢ أيار/مايو ٢٠٢٤ | ٢٣ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

واجهوا القلق وحاربوا التردد

إعداد: د. نعيمة حسن

واجهوا القلق وحاربوا التردد

◄لا يخفى على أحد أنّ القلق بات مستوطناً في ثقافتنا، فكل شخص منّا تقريباً يقضي قدراً مبالغاً فيه لحظات حاضره وهو يعيش القلق على المستقبل، ويقضي كل هذا الوقت وهو يدور في حلقة مُفرَغة.

ليست هناك حالة واحدة من القلق قد تُحسِّن أو تُغيِّر مما سيحدث أو حدث فعلاً لك، بل على العكس من ذلك، ربما يجعلك القلق أقل تفاعلاً وأكثر اضطراباً. كذلك ليست هناك أي علاقة بين القلق والحب الذي يقوم على أساس علاقة يكون لكل طرف من الطرفين، فيها الحق في أن يكون على النحو الذي يختاره لنفسه، دونما أي شروط واجبة التنفيذ يفرضها عليه الطرف الآخر.

يُعتبر القلق شعوراً بالعجز في الحاضر، نتيجة توقع أشياء قد تحدث أو قد لا تحدث في المستقبل، عليكم ألّا تخلطوا بين القلق من المستقبل، والتخطيط له. فإذا كنتم تقومون بالتخطيط لمستقبلكم واجتهدتم وسعيتم إلى الحصول على مستقبل أكثر إشراقاً وراحة، فهذا لا يُعتبر قلقاً. فالقلق أن تشعروا بالعجز في حاضركم على ما قد يحدث في المستقبل. قد تجدون كلّ مَن حولكم من أُناس يُعزِّزون القلق لديكم. مثلاً لكي تثبتوا لشخص ما أنكم تحبّونه تُظهرون قلقكم عليه. وتسمعون أيضاً عبارات مثل: "سأشعر بالقلق عليك.. لا أستطيع أن أمنع نفسي من القلق والسبب أني أحبّك".

وهكذا تُبرهنون على حبّكم بأن تقلقوا عليه بسبب وبغير سبب. إنّ جوانب كثيرة من القلق الذي ينتابكم تتعلق بأشياء خارج نطاق سيطرتكم، يمكنكم أن تقلقوا كما تشاوؤن بسبب فرص عمل قد تضيع، علاقة فاشلة، طلاق؛ لكن هذا القلق لن يحقق لكم السلام والرفاهية أو الصحة، ولن يحل لكم مشكلة ما. إنك كفرد ليس في وسعك أن تتحكّم ولو بقدر يسير في أي من هذه الأشياء. زيد على ذلك أنّ الكارثة التي أنت قلق بشأنها، كثيراً ما يتبين أنها أخف بكثير مما قد تتخيل، وقد لا تحدث أصلاً.

ولكن ما الذي يجعلك قلق، هناك قائمة لأهمّ الأسباب التي تؤدي إلى القلق، منها ما يلي:

1- القلق على الأطفال.

2- يشعر الناس بالقلق على صحتهم وبأنهم ربما يموتون في أيّة لحظة.

3- الوظيفة من الأسباب التي تؤدي إلى القلق، حيث إنّ فقدانها هاجس قد ينتاب الكثيرين.

4- السعادة، حيث يقلق الكثيرون بسبب أنهم ربما يفقدون سعادتهم.

5- هل ما أقوم به هو الصواب؟ إنه سؤال يطرحه الناس على أنفسهم ويقلقون بشأنه، وكذلك يقلقون بشأن ما يتخذونه من قرارات: هل كانت صحيحة أو أنها ستؤدي إلى ما لا تحمد عقباه؟

6- الحوادث، فربما يشعر الفرد بأن يقع حادث لزوجته، لزوجها، للأولاد أو مَن يحبّون.

7- المال، يخشى الناس أن يأتي يوم يُصبحون فيه عالة ولا يكون لديهم المال.

8- عدم الإنجاب يظل هاجساً لبعض الناس ويقلقون بشأنه كثيراً.

9- زيادة وزن الجسم وفقدان الشكل الجميل، لا أحد يرغب في أن يكون بديناً، فمن الطبيعي أن يشعر المرء بالرهبة من أن يزيد وزنه بعد تناقصه أو يفقد جماله.

10- هناك مَن يشعر بالقلق من الفواتير وما يترتب على عدم دفعها.

11- القلق من السفر وعند ركوب الطائرات أو السيارات لمسافات طويلة، ويعتقدون أنّ حوادث ستحصل لهم قد تُودي بحياتهم.

12- هناك مَن يخشى من الشيخوخة ولا يعرف ماذا سيفعل إذا وصل إلى سنّ التقاعد؟ فهذا الأمر يشغل النساء والرجال معاً.

13- يشعر الناس بالقلق من مشاعر أبنائهم حين يكبرون، هل يحبونهم ويكونون معهم في كبرهم، أو أنهم سيتركونهم ويرحلون عنهم؟

 

·      من أهم الطرق التي يُمكن إتّباعها للتخلص من القلق:

-        انظر إلى حاضرك باعتباره وقتاً لابدّ أن تعيشه بدلاً من الاستمرار والانشغال على المستقبل.. إنّ أفضل طريقة هو أن تواجه قلقك وتحاول تجنب قضاء هذه اللحظة في هذا الشعور، الشعور بالقلق.

-        ينبغي أن تُدرك أنّ شعورك بالقلق مُنافٍ للطبيعة والعقل.. اطرح هذا السؤال على نفسك مراراً وتكراراً: هل سوف يُغيِّر قلقك الزائد في الأمور شيئاً؟

-        يمكنك تحديد فترات شعورك بالقلق وتخصيص وقت مُعيّن تشعر فيه بالقلق، وتطلق عليه "وقت القلق" لمدة 10 دقائق في الصباح أو بعد الظهر.. فكِّر في أيّ كارثة محتملة الحدوث، بعد ذلك استغل قدرتك على التحكم في تفكيرك وقم بتأجيل الشعور بالقلق حتى يأتي وقته الذي حددته كلّ يوم، سوف تتمكن في النهاية من التخلص تماماً من مواطن القلق لديك.

-        أعدّ قائمتك الخاصة بالقلق، قم بتدوين كلّ الأشياء التي تسبِّب لك هذا القلق، ابدأ بما كان يُقلقك في الأمس والأسبوع الماضي والسنة الماضية، ثمّ انظر وتأمّل هل أفادك القلق بشيء؟ وهل غيَّر من الواقع شيء؟ سوف تُدرك أنّ القلق ما هو إلّا سلوك يؤدي إلى كثير من الضرر والضياع، إنه لا يُسهم بأي شيء في تغيير المستقبل، وغالباً ما يتبين أنّ المحنة المتوقعة ما هي إلّا أمراً ثانوياً، والتفكير فيها مَضيعة للوقت.

-        يمكنك طرح هذا السؤال على نفسك: "ما أسوأ ما يمكن أن يحدث لي؟ له؟ لهم؟"، وما احتمال حدوثه؟ سوف تكتشف الحماقة التي ترتكبها حين تستسلم لهذا الشعور.

-        اختر لنفسك سلوكاً معيناً يتناقض أو يتضارب بشكل مباشر مع مبررات القلق المعتادة لديك، فإن كنت تقوم بالإدّخار القهري من أجل المستقبل، وتنتابك دوماً حالة من القلق من ألّا يكفي المال لهم، قم بإنفاق ما لديك من مال في يومك الحاضر، ابدأ في مواجهة المخاوف التي لديك بتفكير صائب وسلوك بنّاء. على الرغم من الدعوة إلى سلوك مَسالك الخطر أحياناً، إلّا أنّ القوّة التي تواجه فيها خوفك تجعلك أفضل بكثير من الإستسلام للقلق، بل التخلص منه واقتلاعه من حياتك رويداً رويداً.

إنّ لحظة الحاضر هي أساس فهمك للشعور بالقلق وما يترتب عليه من سلوكيات، عليك أن تتعلم كيف تعيش حاضرك وألّا تُضيع لحظة منه في أفكار تتعلق بالماضي والمستقبل وتصيبك بالعجز والجمود، ليس في وسعك أن تتحكم في أي لحظة أخرى سوى لحظة الحاضر، ولكنك بدلاً من أن تدرك ذلك تقوم بتضييع الحاضر في القلق الذي لا جدوى منه. ►

ارسال التعليق

Top